“حول كتاب ” داخل المكتبة .. خارج العالم” .
هل تعرف ما هو الفنيت ” vignette ” ؟
حسنا هو مقال قصير لا يتجاوز صفحة أو صفحة و نصف على أكثر تقدير ، و حينما وصلت لنصف الكتاب شعرت بأنه يجب عليّ كتابة فنيت حوله أو من أجله .
تسعة مقالات في هذا الكتاب تخبرك جميعها أنه لا يجب عليك أن تترك أحدًا يفرض عليك ما يجب قراءته لأنه لا متعة إلزامية و لا سعادة مفروضة ! .
لأن القراءة هي نشاط أو فن يمارس أولًا وأخيرًا لإسعاد و متعة ممارسيه ، لا لإجبارهم علي اقتناء الجيد من وجهة نظر أحدهم ! .
و الحقيقة أن هذا الكتاب قال كل ما يمكن قوله في خاتمته القصيرة ، أما عن باقي المقالات لتسع من الكتّاب فكانت تبدأ بما يشبه ذلك المعني في صيغ مختلفة لكن كلما توغلت كلما وجدت أن الكاتب يفرض عليك نوعًا معينًا ، يمدح كتاباً أو كاتباً بعينه و يتساءل كيف لأحد أن يمل منه ؟! ربما يكون مقال ألبرتو مانغويل و مقال نيل جايمان هما ما حاولوا أن لا يفرضا ما هو جيد عما هو سيئ ولا يجب مناقشته أو قراءته.
انها العقدة المستعصية في الشرق بكثرة بين مجتمع القراء ، أحدهم يرى نوعًا جيد فإن رأيته سيء أو حتى فضلت نوعًا آخر عليه سيكون من نصيبك لقب الجاهل ، هو الذي أعطاك اللقب لأن هذا حقه !
لماذا ؟ لأنه أفضل منك . هذا ما يظنه هو على الأقل!
أظن أن النسبة الأكبر من قراء الشرق يصابون بحالة من النرجسية المفرطة بعد القراءة ، فيظنون أنهم أعلى منصباً من القارء العادي و يجب عليه أن يوجههم لاقتناء الجيد ، أتساءل أنا بدوري هل هو جيد لأنكم فقط ترونه جيد ؟ هل لأن عقلكم توصل لتلك النتيجة فيجب أن تكون هي الحقيقة ؟ و الأهم من عينك في منصب الحكيم الأعلى للنصح و الإرشاد ؟ ألا تستطيع أن تحتفظ برأيك لنفسك عن الناس الذين يقرأون نوعاً لا يعجبك و تتعلم -مما تقرأه علي الأقل – أن تحترم اختيارات من حولك و أنه ليس من حقك نعت أحد بأي صفة ؟ و إلا سيكون من حقي نعتك بالغبي !
أو الأحمق أو المتخلف الذي يظن أن رأيه لا محل له من عدم الموافقة و الاقتناع به ، يؤسفني أن أخبرك أننا هنا علي الأرض طوال هذه المدة لأننا مختلفين و ليس نسخ باهتة منك ! .
كما أظن أن لا أحد يهتم بالكتابة عن كتاب جيد يحبه و لا يشعر بالملل من تكراره قدر ما يفضل الكتابة عن ما لا يحب ، هذه أحدى طرق الشرق في الصعود و الشعور بأنهم الأفضل ، بأن تصعد على أخطاء و سيئات غيرك باكتشافها و المشاورة عليها .
أن هذا الكتاب رغم أن به مقالات تتنافي مع ما تريد قوله إلا أنه يشعرك علي نحو ما بإن القراءة نشاط للمتعة و السعادة أولًا و أخيرًا و ما يأتي في المنتصف من ثقافة و تجارب و خبرات و معلومات سيظل موجودًا و ستقوم باستخلاصه بقراءة الكتاب الذي تحبه و تفضله لا بالكتاب الذي ستمل منه أو أنك فقط تقرأه لكي لا يلصق به أحد الكائنات وحيدة الخلية لقب جاهل أو تافه .
لهذا الكتاب من وجهة نظري جيد في يقول لك أن تقرأ أو تشاهد أو تفعل أي نشاط بطريقتك الخاصة لا عن طريق وجهة نظر أحدهم .
و كما قالت خاتمة الكتاب ” إذا كان يشعرك الكتاب بالملل أو تشعر بأنه ليس نوعك المفضل ، ليس ما تريد أن تقرأه فأتركه حتى لو كان ” دون كيخوته ” أو ” الفردوس المفقود ” أو ” الكوميديا الإلهية ” أو أحد الكتب الحاصلة حتى على جائزة نوبل ، ففي النهاية القائمين علي الجائرة بشر قراء مثلك و لا يجب أن يفرضوا عليك رأيهم .
اقرأ ما تريد أن تقرأه ، و دع القراء النرجسيين غارقين حتى آذنهم في قراءاتهم العظيمة التي يقرأونها لأن أحدًا كتب أنها عظيمة و هم بالطبع ليسوا أقل عظمة .. لهذا أترك مباراة العظمة المملة هذه و اقرأ ما يسعدك .
اقرأ لتشعر بالسعادة و المتعة ، مارس هذا الفن لنفسك لا ليتحدث عنك أحد .